أحلام تتجرأ على الوجود

أحلام تتجرأ على الوجود
لدي مجلد على حاسوبي اسمه "كتابات شخصية" - مليء بنصوص كتبتها في لحظات مختلفة من حياتي. أفكار، خواطر، قصص قصيرة، ومحاولات شعرية. كنت أكتب ثم أحفظ الملف وأنسى أمره، معتبرة إياه مجرد "هواية صغيرة" لا تستحق الاهتمام.
أو هكذا اعتقدت لسنوات طويلة.
اليوم، أريد أن أتحدث عن الهوايات التي نقلل من شأنها، والفرح الذي يمكن أن تجلبه عندما نمنحها المساحة التي تستحقها.
الهواية المنسية
في ذلك المجلد المهمل، كانت هناك كتابات تعكس جوانب مختلفة من شخصيتي. لم أكن أحلم بأن أصبح كاتبة مشهورة أو أنشر كتباً، لكنني كنت أشعر بسعادة حقيقية عندما أكتب. كانت الكلمات تتدفق بطبيعية، وكأنني أتحدث مع نفسي بصراحة تامة.
لكن الحياة اليومية كانت لها أولويات أخرى: الدراسة، المسؤوليات، الالتزامات الاجتماعية، ومتطلبات الحياة اليومية. الكتابة؟ كانت "رفاهية" ليس لدي وقت لها.
فأهملت تلك الملفات، وأهملت جزءاً مني كان يجد السلام في الكلمات.
الثمن الحقيقي لإهمال الهوايات
لسنوات، كنت منشغلة بالحياة الدراسية والمسؤوليات اليومية. من الخارج، كل شيء يبدو طبيعياً ومنظماً. لكن من الداخل، كان هناك شيء ناقص - ذلك الشعور بالرضا الذي كنت أجده عندما أكتب.
الثمن الحقيقي لإهمال هوايتي لم يكن فقط عدم ممارستها - كان فقدان وسيلة للتعبير عن نفسي، وفقدان تلك اللحظات من السكينة التي كانت تمنحني إياها الكتابة.
اللحظة الفاصلة
في إحدى عطل نهاية الأسبوع، بينما كنت أرتب ملفات الحاسوب، وجدت ذلك المجلد القديم. فتحت بعض الملفات وقرأت ما كتبته قبل سنوات.
كان شعوراً غريباً - كأنني أقرأ لشخص آخر، لكنه في نفس الوقت جزء مني. الكلمات كانت صادقة، والمشاعر حقيقية.
وللمرة الأولى منذ سنوات، تساءلت: "لماذا توقفت عن فعل شيء كنت أحبه؟"
لماذا اعتبرت الكتابة أقل أهمية من أشياء أخرى؟ متى قررت أنه ليس لدي "وقت" لما يجعلني سعيدة؟ ماذا لو منحت نفسي إذناً بالعودة لهذه الهواية؟
خطوات صغيرة نحو العودة للهواية
لم أقرر فجأة أن أصبح كاتبة أو أغير مسار حياتي. بدلاً من ذلك، قررت ببساطة أن أعطي الكتابة مساحة صغيرة في حياتي:
- خصصت 30 دقيقة في نهاية كل أسبوع للكتابة
- أنشأت مجلداً جديداً اسمه "كتابات 2024"
- بدأت أكتب عن يومياتي وأفكاري دون ضغط
- قرأت بعض الكتب التي تلهمني في الكتابة
- شاركت بعض النصوص مع صديقة مقربة تقدر الأدب
كل خطوة صغيرة كانت تعيد إحياء ذلك الجزء مني الذي أحب الكلمات.
مواجهة الأصوات الداخلية
أصعب جزء لم يكن إيجاد الوقت للكتابة - كان التغلب على الأصوات في رأسي. الأصوات التي تقول: "هذا مضيعة للوقت." "يجب أن تفعلي شيئاً أكثر إنتاجية." "الكتابة مجرد هواية، ليس لها قيمة حقيقية."
تعلمت أن هذه الأصوات هي نتاج سنوات من التفكير أن كل شيء يجب أن يكون له "فائدة عملية". لكن السعادة والرضا النفسي لهما قيمة أيضاً، حتى لو لم تظهر في الميزانية الشهرية.
الهوايات كحديقة صغيرة
أدركت أن الهوايات مثل النباتات في حديقة صغيرة. يمكنها أن تذبل إذا أهملناها، لكنها تزدهر عندما نمنحها الرعاية البسيطة التي تحتاجها.
ما احتاجته هوايتي في الكتابة:
- الوقت: حتى لو كان قليلاً، لكن منتظماً
- المساحة: مكان هادئ أشعر فيه بالراحة للكتابة
- التقبل: عدم الحكم على ما أكتب أو مقارنته بأعمال الآخرين
- التشجيع: أشخاص يقدرون أهمية الهوايات في حياتنا
عندما تعود الهواية للحياة
ما حدث بعدها كان أبسط وأجمل مما توقعت. لم أصبح كاتبة مشهورة أو أغير مسار حياتي، لكنني استعدت شيئاً مهماً كنت قد فقدته.
بدأت أشعر بالرضا أكثر عن نفسي. وجدت طريقة للتعبير عن أفكاري ومشاعري. أصبح لدي نشاط أتطلع إليه في نهاية الأسبوع. والأهم من ذلك، تذكرت أنني شخص يحب الكلمات والإبداع، وأن هذا جزء مهم من هويتي.
دعوة لإحياء الهوايات
أعرف أن لديكم هوايات أو اهتمامات تركتموها في مكان ما. ربما في مجلد قديم على الحاسوب، أو في صندوق في المخزن، أو في ذكريات جميلة عن أشياء كنتم تحبون فعلها.
هذه الهوايات تستحق أن تعود لحياتكم. تستحق أن تُمنح مساحة صغيرة. تستحق أن تُعطى فرصة.
لا يجب أن تغيروا حياتكم كلياً أو تتخلوا عن مسؤولياتكم. لكن يمكنكم أن تبدؤوا بخطوة واحدة صغيرة. اليوم.
فكروا في شيء كنتم تحبونه. تحدثوا عنه مع شخص قريب منكم. خصصوا ساعة واحدة في الأسبوع له.
الحقيقة عن الهوايات "المنسية"
الحقيقة التي تعلمتها هي أن معظم الهوايات ليست "مضيعة للوقت" كما نعتقد - إنها فقط تحتاج منا أن نعيد تقدير قيمة السعادة والرضا النفسي في حياتنا.
لا تحتاج الهوايات لأن تكون مربحة أو مفيدة عملياً لتكون ذات قيمة. قيمتها في كونها تجعلنا نشعر بالحيوية، وتعطينا مساحة للتعبير عن أنفسنا، وتذكرنا بأننا أكثر من مجرد وظائفنا ومسؤولياتنا.
عندما نمنح أنفسنا إذناً بممارسة ما نحب، نصبح أشخاصاً أكثر توازناً، أكثر إبداعاً، أكثر رضا عن الحياة.
وهذا في حد ذاته إنجاز يستحق الاحتفال.
فما هي هوايتكم التي تستحق العودة للحياة؟
بالحب والإيمان اللانهائي،
آية ✨