رحلة اكتشاف الذات

رحلة اكتشاف الذات
لفترة طويلة، كنت أتبع الخطوات التي يتوقعها الجميع: الدراسة، العمل، الالتزام بالروتين اليومي. كل شيء كان يسير بشكل طبيعي، لكنني أحياناً كنت أشعر بأنني لست متأكدة إذا كانت هذه الأشياء تناسبني فعلاً أم أنني أفعلها لأنها "المفروض".
في إحدى الفترات، بدأت أشعر بنوع من الملل أو عدم الرضا، وبدأت أتساءل عما أريده حقاً من الحياة.
بداية التفكير
في أحد الأيام، بينما كنت في استراحة الغداء، لاحظت أنني لا أعرف ماذا أريد أن أفعل في وقت فراغي. كنت أتنقل بين التطبيقات على الهاتف دون هدف، أو أشاهد أي شيء على التلفزيون.
فكرت: "متى آخر مرة فعلت شيئاً لأنني استمتعت به فعلاً؟"
أدركت أن معظم أوقات فراغي كانت تمر دون أن أشعر بالرضا الحقيقي. كنت أفعل أشياء لأنها متاحة أو سهلة، وليس لأنني أحبها.
البحث عن اهتمامات حقيقية
من هنا بدأت أحاول أن أفهم ما الذي يمتعني فعلاً. لم تكن عملية معقدة أو فلسفية، بل مجرد تجربة أشياء مختلفة ومراقبة ردود أفعالي.
بدأت أسأل نفسي أسئلة بسيطة:
- ما الأنشطة التي تمر فيها الساعات دون أن ألاحظ؟
- متى أشعر بالراحة والطبيعية؟
- ما الأشياء التي أفعلها لأنني أحبها، وليس لأن أحداً نصحني بها؟
اكتشافات تدريجية
مع الوقت، بدأت ألاحظ أشياء عن نفسي لم أكن أعيرها انتباهاً من قبل. لم تكن اكتشافات مفاجئة أو درامية، بل أمور بسيطة أصبحت أكثر وضوحاً عندما بدأت أنتبه لها.
مثلاً، لاحظت أنني:
- أستمتع بالأمسيات الهادئة في البيت أكثر من الخروجات المزدحمة
- أحب قراءة الكتب والمشي في الطبيعة أكثر من الأنشطة الاجتماعية الكثيرة
- أفضل المحادثات الهادئة مع شخص أو اثنين على التجمعات الكبيرة
- أشعر بالرضا عندما أتعلم شيئاً جديداً أو أنجز مهمة بسيطة بعناية
تحديات بسيطة
لم يكن الأمر صعباً جداً، لكن كانت هناك بعض التحديات الصغيرة. أحياناً كنت أشعر بالذنب عندما أختار البقاء في البيت بدلاً من الخروج مع الأصدقاء، أو عندما أقضي المال على كتاب بدلاً من شيء "أكثر فائدة".
كان علي أن أتعلم أن اختياراتي لا تحتاج لموافقة الآخرين، وأن ما يناسبني قد لا يناسب غيري، وهذا طبيعي.
مع الوقت، أصبحت أشعر براحة أكبر عندما أتخذ قرارات تناسب شخصيتي، حتى لو كانت مختلفة عن اختيارات الآخرين.
أشياء ساعدتني
خلال هذه الفترة، جربت بعض الأشياء البسيطة التي ساعدتني على فهم نفسي أكثر:
الكتابة: أحياناً أكتب في دفتر صغير عن يومي أو أفكاري. لا شيء معقد، مجرد تفريغ ما في رأسي على الورق.
وقت هادئ: بدأت أخصص وقتاً صغيراً للجلوس بهدوء، سواء مع كوب شاي أو أثناء المشي، دون تشتيت من الهاتف أو التلفزيون.
وقت مع النفس: تعلمت أن أستمتع بالوقت لوحدي دون أن أشعر بالملل أو الحاجة لملء كل لحظة بنشاط.
تجربة هوايات جديدة: جربت أشياء مختلفة مثل الرسم، أو الطبخ، أو تعلم مهارة جديدة، لأرى ما الذي يعجبني فعلاً.
ما تعلمته
أهم شيء تعلمته هو أن فهم النفس ليس شيئاً نحققه مرة واحدة وننتهي منه. إنه شيء مستمر يتطور مع تجاربنا وتغير ظروفنا.
الآن، عندما أتخذ قراراً، أحاول أن أفكر: "هل هذا الشيء يناسبني فعلاً؟" وليس "هل هذا ما يجب أن أفعله؟" الفرق بسيط لكنه مهم.
أسئلة للتفكير
إذا كنتم تشعرون بشيء مشابه، ربما تساعدكم هذه الأسئلة:
- ما الأنشطة التي تشعرون فيها بالراحة والطبيعية؟
- متى تشعرون أنكم تتصرفون كما تريدون، وليس كما يتوقع الآخرون؟
- ما الأشياء التي تفعلونها لأنكم تحبونها، وليس لأنها "مفيدة" أو "صحيحة"؟
فهم النفس لا يحتاج لأن يكون معقداً أو فلسفياً. أحياناً يكفي أن نعطي أنفسنا إذناً بتجربة أشياء جديدة، أو بقضاء وقت هادئ مع أنفسنا، أو بالاختيار بناءً على ما نحبه وليس فقط على ما نعتقد أنه "صحيح".
مع التحية،
آية ✨